بحث مخصص

الأحد، 25 أكتوبر 2009

كيف تنقل مكتبك إلي منزلك؟


بقلم : د‏.‏ أحمد سيد مصطفيـ أستاذ الإدارة ـ جامعة بنها
جريدة الاهرام
44733
‏السنة 133-العدد
2009
مايو
28
‏4 من جمادى الآخرة 1430 هـ الخميس
فوائد التجارة الالكترونية
هل تخيلت نفسك تعمل من منزلك؟ هل تخيلت أن تستريح من عناء الحركة في شوارع مزدحمة أو وسائل انتقال مكدسة‏,‏ هل تخيلت نفسك متحررا من التوتر والقلق من وصولك متأخرا ومواجهة رئيسك أو مرءوسيك الذين يرون فيك قدوة‏.‏ هل تخيلت أن تتلقي تكليفات رئيسك بالبريد الإلكتروني فتنجزها وتعيدها إليه بهذا البريد وتتلقي شكرا حتي وإن كان إلكترونيا؟ إن هذا ممكن لاسيما بعد أن أعلن الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية عن استعداد الوزارة لمعاونة الجهة الإدارية التي ترغب في إنشاء نظام يكفل عمل الموظفين من منازلهم‏.‏وهذا توجه مشكور بلاشك ويصب في إطار الإصلاح الإداري‏.‏ والحقيقة أن العمل من المنازل أصبح حقيقة واقعة في دول العالم المتقدم غربا وشرقا‏.‏الفكرة مؤداها أن يعمل الموظفون من منازلهم وفق جداول عمل زمنية‏.‏ فلا حاجة لأن تأتي لمكتبك وتصبح علي رئيسك فيرد التحية بأحسن منها أو أقل‏.‏ ويكفي أن يكون اسمك ضمن قوة العمل وجداول المرتبات‏.‏
وفي هذه الحالة لن تخرج من منزلك ـ فيما يتعلق بالعمل ـ إلا لحضور برنامج تدريبي أو لحضور اجتماع‏.‏ وحتي هذا أصبح ممكنا من خلال اجتماعات الفيديو إن تيسر ذلك‏.‏ هذا ليس بخيال بل هو الواقع الآن في عديد من دول العالم المتقدم سواء في منظمات القطاع الخاص أو الحكومي وغيرهما‏.‏المزايا المؤكدة لهذا النظام عديدة‏.‏ القسم الأول من هذه المزايا يضم عوائد إيجابية علي المجتمع أولها تخفيف التكدس المتزايد في شوارعنا‏,‏ وثانيها توفير مليارات الجنيهات سنويا من تكلفة وقود السيارات‏,‏ وثالثها تخفيف تلوث البيئة بعوادم البنزين وغيره‏,‏ ورابعها تسريع وتيرة الأداء وتبسيط الإجراءات للمواطنين من طلاب الخدمات الحكومية‏,‏ وخامسها الفصل بين مقدم الخدمة وطالبها مما يقلل من احتمالات وحالات الفساد الإداري‏.‏
ومما يسرع من وتيرة الأداء أنه لاحاجة لكتابة خطابات أو مذكرات ونقلها من خلال البريد أو من خلال سعاة فالتداول يتم من خلال البريد الإلكتروني الأسرع والأرخص‏.‏أما القسم الثاني فهو عوائد إيجابية علي الموظف أو الموظفة‏.‏ فسينجو كثير من العاملين من ضغوط ناجمة عن ضيق الوقت وتكدس الأعمال بسبب فاقد الوقت في الانتقال وكذا من جهد الانتقال الذي يؤثر ولاشك علي مايتبقي من طاقة لمزاولة العمل اليومي‏.‏ ولاننسي أن المزايا أكثر بالنسبة للموظفات‏.‏ فالموظفة المتزوجة تؤدي دورين كاملين في العمل والمنزل‏.‏ وهي مطالبة بالوفاء بمهام كل دور علي أكمل وجه‏.‏
ولاتنجح في ذلك إلا من أوتيت نظاما عصبيا فائقا ولياقة بدنية وفكرية عالية‏.‏ فإذا قصرت في أي من الدورين أو فيهما معا فالرئيس أو الزوج أو كلاهما قد لايتسامح‏.‏أما بالنسبة لجهة العمل فهناك مزايا يوفرها هذا النظام حيث سيقلل من أعباء ومشكلات يصادفها أي رئيس مثل الصراعات بين الموظفين ومطالب موظف أو أكثر بأن يكون هذا المكتب أو هذه الغرفة له أو أن هذا قال كذا وكذا‏.‏ كما يقلل من أعباء ووقت الرؤساء في الانتقال بين المكتب أو موقع الأداء لمتابعة أعمال الموظفين‏.‏ ويقلل هذا النظام من تكاليف تشغيل وصيانة كل من المباني والأثاثات المكتبية والسيارات والحافلات المستخدمة في نقل الموظفين بين العمل والمنزل‏,‏ وكذا المصاعد وأجهزة التكييف وما إلي ذلك‏.‏ لكن نظام العمل من المنزل من خلال البريد الإلكتروني له متطلبات أو مقومات للنجاح لا يتسع المجال لتفصيلها‏,‏لكن يمكن إيجازها فيما يلي‏:
‏توجه سياسي من مجلس الوزراء والوزير المختص يرعي ويشجع هذا الاتجاه وييسر سبل تبنيه‏.‏
القضاء علي ماقد يتواجد من أمية الكومبيوتر بين الموظفين وبين الرؤساء بمختلف المستويات الإدارية‏.‏
وهذا ممكن من خلال تحديد سليم للاحتياجات التدريبية بالمنظمة المستهدف أن تعمل بهذا النظام‏.
‏تحديد دقيق للأعمال التي يمكن أداءها منزليا من خلال البريد الإلكتروني‏.
‏تهيئة نظام فاعل للاتصال الإلكتروني يمكن من خلال تبادل توجيهات الرؤساء واستجابات المرؤوسين والمرؤوسات‏.‏
تحديد معايير موضوعية لتقييم الأداء يصممها رؤساء خبراء‏,‏ أو بمشاركة خبراء من خارج المنظمة ـ مثل وقت الإنجاز‏,‏ والمواصفات أو الخصائص الفنية للأداء المطلوب‏.‏ وفي حالة الأداء الكامل للعمل من المنزل فلن تشمل معايير التقييم بعض مجالات السلوك مثل المظهر والتعامل مع العملاء‏,‏ بل ستتضمن معايير جديدة مثل الالتزام بتوقيتات الانتهاء من العمل وإجادة التعامل مع شبكة المعلومات العالمية‏(‏ الإنترنت‏)‏ والشبكة المحلية بالمنظمة‏(‏ الإنترانت‏).
‏تقييم موضوعي لأداء العاملين وفق هذه المعايير‏.‏ وربطة بنظام فاعل للحوافز الإيجابية والسلبية‏.‏تعديل نظم تخطيط المسار الوظيفي والنقل والترقية التقليدية لتتناسب والعمل بنظام الأداء الإلكتروني هذا‏.‏ تهيئة بنية أساسية قوية تخدم نظم الاتصالات الإلكترونية بالمنظمات التي ستعمل بهذا النظام‏.‏تهيئة برامج للصيانة الوقائية والعلاجية للتجهيزات الفنية الخاصة بهذا النظام‏.‏
إن المزايا المؤكدة المتوقعة من هذا النظام أظنها مغرية لمجلس الوزراء ووزارة الدولة للتنمية الإدارية لحث الوزارات والهيئات الحكومية للأخذ بهذا النظام العصري للأداء‏,‏ أن هذا يمثل سبيلا فاعلا للتطوير الإداري‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق