بحث مخصص

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

اقتصادنا - المقدمة -1

بسم الله الرحمن الرحيم

يسرني أن أقدم للطبعة الثانية لكتاب اقتصادنا وقد ازددت إيماناً واقتناعاً بأن الأمة قد بدأت فعلاً تنفتح على رسالتها الحقيقية التي يمثلها الإسلام وتدرك بالرغم من ألوان التَضليل الاستعماري أن الإسلام هو طريق الخلاص وأن النظام الإسلامي هو الإطار الطبيعي الذي يجب أن تحقق حياتها و تفجر طاقاتها ضمنه و تنشىء كيانها على أساسه.
وقد كان بودي أن تتاح لي فرصة للتوسع في بعض مواضيع الكتاب وتسليط المزيد من الأضواء على عدد من النقاط التي تناولها ولكني إذ لا أجد الآن مجالاً للحديث عن بحوث الكتاب فلن أدع هذه المناسبة دون كلمة عن موضوع الكتاب ذاته وصلة هذا الموضوع الخطير بحياة الأمةومشاكلها وأهميتها المتنامية على مر الزمن على الصعيد الإسلامي و الصعيدالبشري على السواء.
فالأمة على الصعيد الإسلامي وهي تعيش جهادها الشامل ضد تخلفهاوانهيارها وتحاول التحرك السياسي والاجتماعي نحو وجود أفضل وكيان أرسخ واقتصاد أغني وارفه سوف لن تجد أمامها عقيب سلسلة من محاولات الخطأ والصواب إلا طريقاً واحداً للتحرك وهو التحرك في الخط الإسلامي ولن تجد إطاراً تضغ ضمنه حلولها لمشاكل التخلف الاقتصادي سوى إطارالنظام الاقتصادي في الإسلام.
والإنسانية على الصعيد البشري وهي تقاسي أشد ألوان القلق والتذبذب بين تيارين عالميين ملغمين بقنابل الذرة والصواريخ ووسائل الدمار لن تجدلها خلاصاً إلا على الباب الوحيد الذي بقي مفتوحاً من أبواب السماء وهوالإسلام.
ولنأخذ في هذه المقدمة الصعيد الإسلامي بالحديث.
على الصعيد الإسلامي:
حينما أخذ العالم الإسلامي ينفتح على حياة الإنسان الأوروبي ويذعن لإمامته الفكرية وقيادته لموكب الحضارة بدلاً عن إيمانه برسالته الأصيلة وقيمومتها على الحياة البشرية بدأ يدرك دوره في الحياة ضمن إطار التقسيم التقاليدي لبلاد العالم الذي درج عليه الإنسان الأوروبي حين قسم العالم على أساس المستوي الاقتصادي للبلد وقدرته المنتجة إلى بلاد راقية اقتصادياً وبلاد فقيرة أو متخلفة اقتصادياً وكانت بلاد العالم الإسلامي كلها من القسم الثاني الذي كان يجب عليه في منطق الإنسان الأوروبي أن يعترف بإمامة البلادالراقية ويفسح المجال لها لكي تنفث روحها فيه وتخطط له طريق الإرتفاع.
وهكذا دشن العالم الإسلامي حياته مع الحضارة الغريب بوصفه مجموعة من البلاد الفقيرة اقتصادياً ووعى مشكلته على أساس أنها هي التخلف الاقتصادي عن مستوي البلاد المتقدمة الذي أتاح لها تقدمها الاقتصادي زعامة العالم ولقنته تلك البلاد المقتدمة أن الأسلوب الوحيد للتغلب على هذه
المشكلة والالتحاق بركب البلاد المتقدمة هو اتخاذ حياة الإنسان الأوروبي تجربة رائدة وقائدة وترسّم خطوات هذه التجربة لبناء اقتصاد كامل شامل قادر على الارتفاع بالبلاد الإسلامية المتخلفة إلى مستوي الشعوب الأوروبيةالحديثة.
وقد عبّرت التبعية في العالم الإسلامي لتجربة الإنسان الأوروبي الرائد للحضارة الحديثة عن نفسها بأشكال ثلاثة مترتبة زمنياً ولا تزال هذه الأشكال الثلاثة متعاصرة في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي.
الأول: التبعية السياسية التي تمثلت في ممارسة الشعوب الأوروبية الراقيةاقتصادياً حكم الشعوب المتخلفة بصورة مباشرة.
الثاني: التبعية الاقتصادية التي رافقت قيام كيانات حكومية مستقلة من الناحية السياسية في البلاد المتخلفة وعبرت عن نفسها في فسح المجال للاقتصاد الأوروبي لكي يلعب على مسرح تلك البلاد بأشكال مختلفة ويستثمرموادها الأولية ويملأ فراغاتها برؤوس أموال أجنبية و يحتكر عدداً من مرافق الحياة الاقتصادية فيها بحجة تمرين أبناء البلاد المتخلفين على تحمل أعباءالتطوير الاقتصادي لبلادهم.
الثالث: التبعية في المنهج التي مارستها تجارب عديدة في داخل العالم الإسلامي حاولت أن تستقل سياسياً وتتخلص من سيطرة الاقتصاد الأوروبي اقتصادياً وأخذت تفكر في الاعتماد على قدرتها الذاتية في تطوير اقتصادها والتغلب على تخلفها غير أنها لم تستطع أن تخرج في فهمها لطبيعة المشكلة التي يجسدها تخلفها الاقتصادي عن إطار الفهم الأوروبي لها فوجدت نفسها مدعوة لاختيار نفس المنهج الذي سلكه الإنسان الأوروبي في بنائه الشامخ لاقتصاده الحديث.
وبالرغم من اختلافات نظرية كبيرة نشأت بين تلك التجارب خلال
رسم المنهج و تطبيقه فإن هذه الاختلافات لم تكن دائماً إلا اختلافاً حول اختيار الشكل العام للمنهج من بين الأشكال المتعددة التي اتخذها المنهج فيتجربة الإنسان الأوروبي الحديث فاختيار المنهج الذي سلكته التجربة الرائدة للإنسان الأوروبي الحديث كان موضع وفاق لأنه ضريبة الأمانة الفكرية للحضارة الغربية وإنما الخلاف في تحديد شكل واحد من أشكالها.
وتواجه التجارب الحديثة للبناء الاقتصادي في العالم الإسلامي عادة شكلين لتجربة البناء الاقتصادي في الحضارة الغربية الحديثة وهما الاقتصادالحر القائم على أساس رأسمالي والاقتصاد المخطط القائم على أساس اشتراكي.
فإن كلاً من هذين الشكلين قد عاش تجربة ضخمة في بناء الاقتصادالأوروبي الحديث والصيغة التي طرحت للبحث على مستوي التطبيق في العالم الإسلامي على الأكثر ما هو الشكل الأجدر بالأتباع من هذين الشكلين وأقدر على إنجاح كفاح الأمة ضد تخلفها الاقتصادي وبناء اقتصاد رفيع علىمستوى العصر.
و كان الاتجاه الأقدم حدوثاً في العالم الإسلامي يميل إلى اختيار الشكل الأول للتنمية وبناء الاقتصاد الداخلة للبلاد أي الاقتصاد الحر القائم على أساس رأسمالي نتيجة لأن المحور الرأسمالي للاقتصاد الأوروبي كان أسرع المحورين للنفوذ إلى العالم الإسلامي واستقطابه كمراكز نفوذ.
وعبر صراع الأمة سياسياً مع الاستعمار ومحاولتها التحرر من نفوذالمحور الرأسمالي وجدت بعض التجارب الحاكمة أن النقيض الأوروبي للمحور الرأسمالي هو المحور الاشتراكي فنشأ اتجاه آخر يميل إلى اختيارالشكل الثاني للتنمية أي التخطيط القائم على أساس اشتراكي نتيجة للتوفيق بين الإيمان بالإنسان الأوروبي كرائد للبلاد المتخلفة وواقع الصراع مع الكيان السياسي للرأسمالية فما دامت تبعية البلاد المتخلفة للبلاد الراقية اقتصادياً
تفرض عليها الإيمان بالتجربة الأوروبية كرائد وما دام الجناح الرأسمالي منهذه التجربة يصطدم مع عواطف المعركة ضد الواقع الاستعماري المعاش فليؤخذ بالتخطيط الاشتراكي بوصفه الشكل الآخر للتجربة الرائدة.
ولكل من الاتجاهين أدلته التي يبرر بها وجهة نظره فالاتجاه الأول يبررعادة التقدم العظيم الذي حصلت عليه الدول الأوروبية الرأسمالية و ما أحرزته من مستويات في الإنتاج والتصنيع نتيجة لانتهاج الاقتصاد الحر كأسلوب للتنمية و يضيف إلى ذلك أن بإمكان البلاد المتخلفة إذا انتهجت نفس الأسلوب وعاشت نفس التجربة أن تختصر الطريق و تقفز في زمن أقصر إلى المستوى المطلوب من التنمية الاقتصادية لأنها سوف تستفيد من خبرات التجربةالرأسمالية للإنسان الأوروبي و تستخدم كل القدرات العلمية الناجزة التي كلفت الإنسان الأوروبي مئات السنين حتى ظفر بها.
والاتجاه الثاني يفسر اختياره للاقتصاد المخطط على أساس اشتراكي بدلاً عن الاقتصاد الحر بأن الاقتصاد الحر إن كان قد استطاع أن يحقق للدول الأوروبية الرائدة في العالم الرأسمالي مكاسب كبيرة و تقديماً مستمرا ًفي التكنيك والإنتاج ونمواً متزايداً للثروة الداخلية للبلاد فليس بالإمكان أن يؤدي دوراً مماثلاً للبلاد المتخلفة اليوم لأن البلاد المتخلفة تواجه اليوم تحدياً اقتصادياً هائلاً يمثله التقدم العظيم الذي أحرزته دول الغرب وتقابل إمكانات هائلة منافسة لا حد لها على الصعيد الاقتصادي بينما لم تكن الدول المتقدمة فعلاً تواجه هذا التحدي الهائل وتقابل هذه الإمكانات المنافسة حين بدأت عملية التنمية الاقتصادية وشنت حربها ضد أوضاع التخلف الاقتصادي واتخذت من الاقتصاد الحر منهجاً وأسلوباً فلا بد للبلاد المتخلفة اليوم من تعبئة كل القوى والطاقات لعملية التنمية الاقتصادية بصورة سريعة ومنظمة في نفس الوقت وذلك عن طريق الاقتصاد المخطط القائم على أساس اشتراكي.
ويعتمد كل من الاتجاهين في تفسيره لما يمنى به من فشل في مجال التطبيق على الظروف المصطنعة التي يخلقها المستعمرون في المنطقة لكي يعرقلوا فيهاعمليات النمو ولا يسمح لنفسه على أساس ذلك أن يفكر حين الإحساس بالفشل في أي منهج بديل للشكلين التقليديين اللذين اتخذتهما التجربة الأوروبية الحديثة في الغرب والشرق بالرغم من وجود بديل جاهز لا يزال يعيش نظريا ًوعقائدياً في حياة الأمة وإن كان منعزلاً عن مجال التطلبيق وهو المنهج الإسلامي والنظام الاقتصادي في الإسلام.
و أنا لا أريد هنا أن أقارن بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصادين الرأسمالي والاشتراكي من وجهة نظر اقتصادية مذهبية فإن هذا ما أتركه للكتاب نفسه فقد قام كتاب اقتصادنا بدراسة مقارنة بهذا الصدد وإنما أريد أن أقارن بين الاقتصاد الأوروبي بكلا جناحيه الرأسمالي والاشتراكي والاقتصاد الإسلامي من ناحية قدرة كل منهما على المساهمة في معركة العالم الإسلامي ضدالتخلف الاقتصادي ومدى قابلية كل واحد من هذه المناهج ليكون إطاراًلعملية التنمية الاقتصادية.
ونحن حين نخرج من نطاق المقارنة بين هذه المناهج الاقتصادية في محتواها الفكري والمذهبي إلى المقارنة بينها في قابليتها التطبيقية لإعطاء إطار للتنميةالاقتصادية يجب أن لا نقيم مقارنتنا على أساس المعطيات النظرية لكل واحد من تلك المناهج فحسب بل لابد أن نلاحظ بدقة الظروف الموضوعية للأمة وتركيبها النفسي والتاريخي لأن الأمة هي مجال التطبيق لتلك المناهج فمن الضروري أن يدرس المجال المفروض للتطبيق وخصائصه وشروطه بعناية ليلاحظ ما يقدر لكل منهج من فاعلية لدى التطبيق. كما أن فاعلية الاقتصاد الحر الرأسمالي أو التخطيط الاشتراكي في تجربة الإنسان الأوروبي لا تعني حتماً أن هذه الفاعلية نتيجة للمنهج الاقتصادي فحسب لكي تتوفر متي اتبع نفس المنهج بل قد تكون الفاعلية ناتجة عن المنهج باعتباره جزءاً من كل
مترابط و حلقة من تاريخ فإذا عزل المنهج عن إطاره وتاريخه لم تكن له تلك الفاعلية ولا تلك الثمار.
ومن خلال دراسة مقارنة للمذاهب الاقتصادية المتعددة وإمكانات نجاحها عملياً في العالم الإسلامي يجب إبراز حقيقة أساسية يرتبط بها تقديرالموقف إلى درجة كبيرة وهي أن حاجة التنمية الاقتصادية إلى منهج اقتصادي ليست مجرد حاجة إلى أطار من أطر التنظيم الاجتماعي تتبناه الدولة فحسب لكي يمكن أن توضع التنمية ضمن هذا الإطار أو ذاك بمجرد تبنّي الدولة له والتزامها به بل لا يمكن للتنمية الاقتصادية والمعركة ضد التخلف أن تؤدي دورها المطلوب إلا إذا اكتسبت إطاراً يستطيع أن يدمج الأمة ضمنه وقامت على أساس يتفاعل معها. فحركة الأمة كلها شرط أساسي لإنجاح أي تنمية وأي معركة شاملة ضد التخلف لأن حركتها تعبير عن نموها ونمو إرادتها وانطلاق مواهبها الداخلية وحيث لا تنمو الأمة لا يمكن أن تمارس عملية تنمية فالتنمية للثروة الخارجية والنمو الداخلي للأمة يجب أن يسيرا في خط واحد.
و تجربة الإنسان الأوروبي الحديث هي بالذات تعبير تاريخي واضح عن هذه الحقيقة. فإن مناهج الاقتصاد الأوروبي كإطارات لعملية التنمية لم تسجل نجاحها الباهر على المستوى المادي في تاريخ أوروبا الحديث إلا بسبب تفاعل الشعوب الأوروبية مع تلك المناهج وحركتها في كل حقول الحياة وفقاً لاتجاه تلك المناهج ومتطلباتها واستعدادها النفسي المتناهي خلال تاريخ طويل هذا الاندماج والتفاعل.
فحين نريد أن نختار منهجاً أو إطاراً عاماً للتنمية الاقتصادية داخل العالم الإسلامي يجب أن نأخذ هذه الحقيقة أساساً ونفتش في ضوئها عن مركب حضاري قادر على تحريك الأمة وتعبئة كل قواها وطاقاتها للمعركة ضد
التخلف ولابد حينئذ أن نُدخل في هذا الحساب مشاعر الأمة ونفسيتها وتاريخها وتعقيداتها المختلفة.
ومن الخطأ ما يرتكبه كثير من الاقتصاديين الذين يدرسون اقتصادالبلاد المتخلفة وينقلون إليها المناهج الأوروبية للتنمية دون أن يأخذوا بعين الاعتبار درجة إمكان تفاعل شعوب تلك البلاد مع هذه المناهج ومدى قدرة هذه المناهج المنقولة على الالتحام مع الأمة.
فهناك مثلاً الشعور النفسي الخاص الذي تعيشه الأمة في العالم الإسلامي تجاه الاستعمار الذي يتسم بالشك والاتهام والخوف نتيجة لتاريخ مرير طويل من الاستغلال والصراع، فإن هذا الشعور خلق نوعاً من الإنكماش لدى الأمة عن المعطيات التنظيمية للإنسان الأوروبي وشيئاً من القلق تجاه الأنظمةالمستمدة من الأوضاع الاجتماعية في بلاد المستعمرين وحساسية شديدة ضدها وهذه الحساسية تجعل تلك الأنظمة حتى لو كانت صالحة ومستقلة عن الاستعمارمن الناحية السياسية غير قادرة على تفجير طاقات الأمة وقيادتها في معركة البناء فلا بد للأمة إذن بحكم ظروفها النفسية التي خلقها عصر الاستعماروانكماشها تجاه ما يتصل به أن تقيم نهضتها الحديثة على أساس نظام اجتماعي ومعالم حضارية لا تمت إلى بلاد المستعمرين بنسب.
وهذه الحقيقة الواضحة هي التي جعلت عدداً من التكتلات السياسية فيالعالم الإسلامي تفكر في اتخاذ القومية فلسفة وقاعدة للحضارة وأساساً للتنظيم الاجتماعي حرصاً منهم على تقديم شعارات منفصلة عن الكيان الفكري للاستعمار انفصالاً كاملاً غير أن القومية ليست إلا رابطة تاريخية ولغوية وليست فلسفة ذات مبادىء ولا عقيدة ذات أسس بل حيادية بطبيعتها تجاه تخلف الفلسفات والمذاهب الاجتماعية والعقائدية والدينية، وهي لذلك بحاجةإلى الأخذ بوجهة نظر معينة تجاه الكون والحياة وفلسفة خاصة تصوغ على أساسها معالم حضارتها ونهضتها وتنظيمها الاجتماعي.
ويبدو أن كثيراً من الحركات القومية أحست بذلك أيضاً و أدركت أن القومية كمادة خام بحاجة إلى الأخذ بفلسفة اجتماعية ونظام اجتماعي معين وحاولت أن توفق بين ذلك وبين أصالة الشعار الذي ترفعه وانفصاله عن الإنسان الأوروبي فنادت بالاشتراكية العربية. نادت بالإشتراكية لأنهاأدركت أن القومية وحدها لا تكفي بل هي بحاجة إلى نظام ونادت بها في إطار عربي تفادياً لحساسية الأمة ضد أي شعار أو فلسفة مرتبطين بعالم المستعمرين فحاولت عن طريق توصيف الاشتراكية بالعربية تغطية ا لأجنبي المتمثل في الاشتراكية من الناحية التاريخية والفكرية وهي تغطية فاشلة لا تنجح في استغفال حساسية الأمة لأن هذا الإطار القلق ليس إلا مجرد تأطير ظاهري وشكليّ للمضمون الأجنبي الذي تمثله الاشتراكية وإلا فأي دور يلعبه هذا الإطار في مجال التنظيم الاشتراكي وأي تطوير للعامل العربي في المواقف وما معنى أن العربية كلغة وتاريخ أو دم وجنس تطوّر فلسفة معينة للتنظيم الاجتماعي بل كل ما وقع في المجال التطبيقي نتيجة للعامل العربي إن هذا العامل أصبح يعني في مجال التطبيق استثناء ما يتنافى من ا لاشتراكية مع التقاليد السائدة في المجتمع العربي والتي لم تحن الظروف الموضوعية لتغييرها كالنزعات الروحية بما فيها الإيمان بالله فالإطار العربي إذن لا يعطي الاشتراكية روحاً جديدة تختلف عن وضعها الفكري والعقائدي المعاش في بلاد المستعمرين وإنما يراد به التعبير عن استثناءات معينة وقد تكون موقوتة والاستثناء لا يغير جوهر القضية والمحتوى الحقيقي للشعار ولا يمكن لدعاة الاشتراكية العربية أن يميزوا الفوارق الأصلية بين اشتراكية عربية واشتراكية فارسية واشتراكية تركية ولا أن يفسروا كيف تختلف الإشتراكية بمجرد إعطائها هذا الإطار القومي أو ذاك لأن الواقع أن المضمون والجوهرلا يختلف وإنما هذه الأطر تعبر عن استثناءات قد تختلف من شعب إلى آخرتبعاً لنوعية التقاليد السائدة في تلك الشعوب.
وبالرغم من أن دعاة الاشتراكية العربية قد فشلوا في تقديم مضمون حقيقي جديد لهذه الاشتراكية عن طريق تأطيرها بالإطار العربي فإنهم أكدوا بموقفهم هذا تلك الحقيقة التي قلناها وهي أن الأمة بحكم حساسيتها الناتجةعن عصر الاستعمار لا يمكن بناء نهضتها الحديثة إلا على أساس قاعدة أصيلة لا ترتبط في ذهن الأمة ببلاد المستعمرين أنفسهم.
وهنا يبرز فارق كبير بين مناهج الاقتصاد الأوروبي التي ترتبط فيذهن الأمة بإنسان القارة المستعمرة مهما وضعت لها من إطارات وبين المنهج الإسلامي الذي يرتبط في ذهن الأمة بتاريخها وأمجادها الذاتية ويعبر عن أصالتها ولا يحمل أي طابع لبلاد المستعمرين فان شعور الأمة بأن الإسلام هو تعبيرها الذاتي وعنوان شخصيتها التاريخية ومفتاح أمجادها السابقة يعتبرعاملاً ضخماً جداً لإنجاح المعركة ضد التخلف وفي سبيل التنمية إذا استمد لها المنهج من الإسلام واتخذ من النظام الإسلامي إطاراً للانطلاق.
وإلى جانب الشعور المعقد للأمة في العالم الإسلامي تجاه الاستعمار وكلا لمناهج المرتبطة ببلاد المستعمرين يوجد هناك تعقيد آخر يشكّل صعوبة كبيرةأيضاً في طريق نجاح المناهج الحديثة للاقتصاد الأوروبي إذا طبقت في العالم الإسلامي وهو التناقض بين هذه المناهج والعقيدة الدينية التي يعيشها المسلمون.وهنا لا أريد أن أتحدث عن هذا التناقض لكي أقارن بين وجهة النظر الدينية ووجهة النظر التي تتبناها تلك المناهج وأحاول أن أفضّل الأولى على الثانية_ أي أني لا أريد أن أبحث هذا التناقض بحثاً عقائدياً مذهبياً _ وإنما أحاول إبراز هذا التناقض بين مناهج الإنسان الأوروبي والعقيدة الدينية للإنسان المسلم بوصفها قوة تعيش داخل العالم الإسلامي بقطع النظر عن أي تقييم لها فإن هذه القوة مهما قدرنا لها من تفكك وانحلال نتيجة لعمل الاستعمارضدها في العالم الإسلامي لا يزال لها أثرها الكبير في توجيه السلوك وخلق المشاعر وتحديد النظرة نحو الأشياء. وقد عرفنا قبل لحظات أن عملية التنمية
الاقتصادية ليست عملية تمارسها الدولة وتتبناها وتشرّع لها فحسب وإنما هي عملية يجب أن تشترك فيها وتساهم بلون وآخر الأمة كلها. فإذا كانت الأمة تحس بتناقض بين الإطار المفروض للتنمية وبين عقيدة لا تزال تعتزبها وتحافظ على بعض وجهات نظرها في الحياة فسوف تحجم بدرجة تفاعلها مع تلك العقيدة عن العطاء لعملية التنمية والاندماج في إطارها المفروض.
وخلافاً لذلك لا يواجه النظام الإسلامي هذا التعقيد ولا يمني بتناقض من ذلك القبيل بل إنه إذا وضع موضع التطبيق سوف يجد في العقيدة الدينية سنداً كبيراً له وعاملاً مساعداً على إنجاح التنمية الموضوعة في إطاره لأن أساس النظام الإسلامي أحكام الشريعة الإسلامية وهي أحكام يؤمن المسلمون عادة بقدسيتها وحرمتها ووجوب تنفيذها يحف عقيدتهم الإسلامية وإيمانهم بأن الإسلام دين نزل من الشماء على خاتم النبيين (ص).
وما من ريب في أن من أهم العوامل في نجاح المناهج التي تتخذ لتنظيم الحياة الاجتماعية احترام الناس لها وإيمانهم بحقها في التنفيذ والتطبيق.
وهب أن تجربة للتنمية الاقتصادية على أساس مناهج الاقتصاد الأوروبي استطاعت أن تقضي على العقيدة الدينية وقوتها السلبية تجاه تلك المناهج فإن هذا لا يكفي للقضاء على كل البناء العلوي الذي قام على أساس تلك العقيدةعبر تاريخ طويل امتد أكثر من أربعة عشر قرناً وساهم على درجة كبيرة في تكوين الإطار النفسي والفكري للإنسان داخل العالم الإسلامي. كما أن القضاء على العقيدة الدينية لا يعني إيجاد الأرضية الأوروبية لتلك المناهج التي نجحت على يد الإنسان الأوروبي لأنها وجدت الأرضية الصالحة لها والقادرةعلى التفاعل معها.
فهناك في الواقع أخلاقية إسلامية تعيش بدرجة وأخرى داخل العالم الإسلامي وهناك أخلاقية الاقتصاد الأوروبي التي واكبت الحضارة الغربية
الحديثة ونسجت لها روحها العامة ومهدت لنجاحها على الصعيد الاقتصادي.
والأخلاقيتان تختلفان اختلافاً جوهرياً في الاتجاه والنظرة والتقييم وبقدرما تصلح أخلاقية الإنسان الغربي الحديث لمناهج الاقتصاد الأوروبي تتعارض أخلاقية إنسان العالم الإسلامي معها وهي أخلاقية راسخة لا يمكن استئصال جذورها بمجرد تمييع العقيدة الدينية.
والتخطيط_ أي تخطيط للمعركة ضد التخلف_ كما يجب أن يدخل في حسابه مقاومة الطبيعة في البلد الذي يراد التخطيط له درجة تمردها على عمليات الإنتاج كذلك يجب أن يدخل في حسابه مقاومة العنصر البشري ومدي انسجامه مع هذا الخطط أو ذاك.
إن الإنسان الأوروبي ينظر إلى الأرض دائماً لا إلى السماء وحتى المسيحية بوصفها الدين الذي آمن به هذا الإنسان مئات السنين لم تستطع أن تتغلب على النزعة الأرضية في الإنسان الأوروبي بل بدلاً عن أن ترفع نظره إلى السماء استطاع هو أن يستنزل إله المسيحية من السماء إلى الأرض ويجسده في كائن أرضي.
وليست المحاولات العلمية للتفتيش عن نسب الإنسان في فصائل الحيوان وتفسير إنسانيته على أساس التكييف الموضوعي من الأرض والبيئة التي يعيش فيها أو المحاولات العلمية لتفسير الصرح الإنساني كله على أساس القوى المنتجة التي تمثل الأرض وما فيها من إمكانات ليست هذه المحاولات إلا كمحاولة استنزال الإله إلى الأرض في مدلولها النفسي وارتباطها الأخلاقي بتلك النظرة العميقة في نفس الإنسان الأوروبي إلى الأرض وإن اختلفت تلك المحاولات في أساليبها وطابعها العلمي أو الأسطوري.
وهذه النظرة إلى الأرض أتاحت للإنسان الأوروبي أن ينشيئ قيما ًللمادة والثروة والتملك تنسجم مع تلك النظرة.
وقد استطاعت هذه القيم التي ترسخت عبر الزمن في الإنسان الأوروبي أن تعبّر عن نفسها في مذاهب اللذة والمنفعة التي اكتسحت التفكير الفلسفي الأخلاقي في أوروبا فإن لهذه المذاهب بوصفها نتاجاً فكرياً أوروبياً سجّل نجاحاً كبيراً إلى الصعيد الفكري الأوروبي لها مغزاها النفسي ودلالتها على المزاج العام للنفس الأوروبية.
وقد لعبت هذه التقييمات الخاصة للمادة والثروة والتملك دوراً كبيراً في تفجير الطاقات المختزنة في كل فرد من الأمة ووضع أهداف لعملية التنمية تتفق مع تلك التقييمات. وهكذا سرت في كل أوصال الأمة حركة دائبة نشيطة مع مطلع الاقتصاد الأوروبي الحديث لا تعرف الملل أو الارتواء من المادة وخيراتها وتملّك تلك الخيرات.
كما أن انقطاع الصلة الحقيقة للإنسان الأوروبي بالله تعالى ونظرته إلى الأرض بدلاً عن النظرة إلى السماء انتزع من ذهنه أي فكرة حقيقية عن قيمومة رفيعة من جهة أعلى أو تحديدات تفرض عليه من خارج نطاق ذاته وهيأه ذلك نفسياً وفكرياً للإيمان بحقه في الحرية وغمره بفيض من الشعوربالاستقلال والفردية الأمر الذي استطاعت بعد هذا أن تترجمه إلى اللغة الفلسفية أو تعبر عنه على الصعيد الفلسفي فلسفة كبرى في تاريخ أوروبا الحديثة وهي الوجودية إذ توجت تلك المشاعر التي غمرت الإنسان الأوروبي الحديث بالصيغة الفلسفية فوجد فيها إنسان أوروبا الحديث أماله وأحاسيسه.
وقد قامت الحرية بدور رئيسي في الاقتصاد الأوروبي وأمكن لعملية التنمية أن تستفيد من الشعور الراسخ لدى الإنسان الأوروبي بالحرية والاستقلال والفردية في نجاح الاقتصاد الحر بوصفه وسيلة تتفق مع الميول الراسخة في نفوس الشعوب الأوروبية وأفكارها وحتى حينما طرح الاقتصادالأوروبي منهجاً اشتراكياً حاول فيه أن ينطلق من الشعور بالفردية والأنانيةأيضاً مع تحويلها من فردية شخص إلى فردية طبقية.
وكلنا نعلم أن الشعور العميق بالحرية كان يوفر شرطاً أساسيا لكثير من النشاطات التي ساهمت في عملية التنمية وهو انعدام الشعور بالمسؤولية الأخلاقية الذي لم تكن تلك النشاطات لتتم بدونه.
والحرية نفسها كانت أداة لانفتاح الإنسان الأوروبي على مفهوم الصراع لأنها جعلت لكل إنسان أن ينطلق دون أن يحده في انطلاقه شيء سوى وجودالشخص الآخر إلذي يقف في الطرف المقابل كمحدد له فكان كل فرد يشكّل بوجوده النفي لحرية الشخص الآخر.
وهكذا نشأت فكرة الصراع في ذهن الإنسان الأوروبي وقد عبرت هذه الفكرة عن نفسها على الصعيد الفلسفي كما رأينا في سائر الأفكار الأساسية التي كونت مزاج الحضارة الغربية الحديثة. عبرت هذه الفكرة_ فكرةالصراع_ عن نفسها في الأفكار العلمية والفلسفية عن تنازع البقاء كقانون طبيعي بين الأحياء أو عن حتمية الصراع الطبقي داخل المجتمع أو عن الديالكتيك وتفسير الكون على أساس الأطروحة ونقضيها والمركب الناجم عن الصراع بين النقيضين. إن كل هذه الاتجاهات ذات الطابع العلمي أوالفلسفي هي قبل كل شيء تعبير عن واقع نفسي عام وشعور حاد لدىإنسان الحضارة الحديثة بالصراع.
وكان للصراع أثره الكبير في توجيه الاقتصاد الأوروبي الحديث وما واكبه من عمليات التنمية سواء ما اتخذ منه الشكل الفردي وعبر عن نفسه بالتنافس المحموم وغير المحدود بين المؤسسات والمشاريع الرأسمالية الشخصية في ظل الاقتصاد الحر التي كانت تنمو وتنمي الثروة الكلية من خلال صراعها وتنافسها على البقاء أو ما اتخذ منه الشكل الطبقي وعبر عن نفسه بتجمع اتثورية تتسلم مقاليد الإنتاج في البلاد وتحرك كل الطاقات لصالح التنميةالاقتصادية.
هذه هي أخلاقية الاقتصاد الأوروبي وعلى هذه الأرضية استطاع هذاالاقتصاد أن يبدأ حركته ويحقق نموه ويسجل مكاسبه الضخمة.
وهذه الأخلاقية تختلف عن الأخلاقية التي تعيشها الأمة داخل العالم الإسلامي نتيجة لتاريخها الديني فالإنسان الشرقي الذي ربته رسالات السماءوعاشت في بلاده ومر بتربية دينية مديدة على يد الإسلام ينظر بطبيعته إلى السماء قبل أن ينظر إلى الأرض ويؤخذ بعالم الغيب قبل أن يؤخذ بالمادة والمحسوس.
وافتتانه العميق بعالم الغيب قبل عالم الشهادة هو الذي عبر عن نفسه على المستوي الفكري في حياة المسلمين باتجاه الفكر في العالم الإسلامي إلى المناحي العقلية من المعرفة البشرية دون المناحي التي ترتبط بالواقع المحسوس.
وهذه الغيبية العميقة في مزاج الإنسان المسلم حددت من قوة أغراءالمادة للإنسان المسلم وقابليتها لأثارته الأمر الذي يتجه بالإنسان في العالم الإسلامي حين يتجرد عن دوافع معنوية للتفاعل مع المادة وإغرائه باستثمارها إلى موقف سلبي تجاهها يتخذ شكل الزهد تارة والقناعة أخرى والكسل ثالثة.
وقد روّضته هذه الغيبية على الشعور برقابة غير منظورة قد تعبر في وعي المسلم التقي عن مسؤولية صريحة بين يدي الله تعالى وقد تعبر في ذهن مسلم آخر عن ضمير محدّد وموجّه وهي على أي حال تبتعد بإنسان العالم الإسلامي عن الإحساس بالحرية الشخصية والحرية الأخلاقية بالطريقة التي أحس بهاالإنسان الأوروبي.
ونتيجة لشعور الإنسان المسلم بتحديد داخلي يقوم على أساس أخلاقي لصالح الجماعة التي يعيش ضمنها يحس بارتباط عميق بالجماعة التي ينتسب إليها وانسجام بينه وبينها بدلاً عن فكرة الصراع التي سيطرت على الفكرالأوروبي الحديث. وقد عزز فكرة الجماعة لدى الإنسان المسلم الإطار
العالمي لرسالة الإسلام الذي ينيط بحملة هذه الرسالة مسؤولية وجودها عالمي اًوامتدادها مع الزمان والمكان فإن تفاعل إنسان العالم الإسلامي على مر التاريخ مع رسالة عالمية منفتحة على الجماعة البشرية يرسخ في نفسه الشعور بالعالمية والارتباط بالجماعة. وهذه الأخلاقية التي يعيشها إنسان العالم الإسلامي إذالاحظناها بوصفها حقيقة مائلة في كيان الأمة يمكن الاستفادة منها في المنهجة للاقتصاد داخل العالم الإسلامي ووضعه في إطار يواكب تلك الأخلاقية لكي تصبح قوة دفع وتحريك كما كانت أخلاقية مناهج الاقتصاد الأوروبي الحديث عاملاً كبيراً في إنجاح تلك المناهج لما بينهما من انسجام.
فنظرة إنسان العالم الإسلامي إلى السماء قبل الأرض يمكن أن تؤدي إلى موقف سلبي تجاه الأرض وما في الأرض من ثروات وخيرات يتمثل في الزهد أو القناعة أو الكسل إذا فصلت الأرض عن السماء وأما إذا ألبست الأرض إطار السماء وأعطي العمل مع الطبيعة صفة الواجب ومفهوم العبادة فسوف تتحول تلك النظرة الغيبية لدى الإنسان المسلم إلى طاقة محركة وقوة دفع نحو المساهمة بأكبر قدر ممكن في رفع المستوى الاقتصادي. وبدلاً عما يحسه اليوم المسلم السلبي من برود تجاه الأرض أو ما يحسه المسلم النشيط الذي يتحرك وفق أساليب الاقتصاد الحر أو الاشتراكي من قلق نفسي في أكثر الأحيان ولو كان مسلماً متميعاً سوف يولد انسجام كامل بين نفسيةإنسان العالم الإسلامي ودوره الايجابي المرتقب في عملية التنمية.
ومفهوم إنسان العالم الإسلامي عن التحديد الداخلي والرقابة الغيبية الذي يجعله لا يعيش فكرة الحرية بالطريقة الأوروبية يمكن أن يساعد إلى درجة كبيرة في تفادي الصعاب التي تنجم عن الاقتصاد الحر والمشاكل التي تواجهها التنمية الاقتصادية في ظله عن تخطيط عام يستمد مشروعيته في ذهن إنسان العالم الإسلامي من مفهومه عن التحديد الداخلي و الرقابة غير المنظورةأي يستند إلى مبررات أخلاقية.
والإحساس بالجماعة والارتباط بها يمكن أن يساهم إلى جانب ما تقدم في تعبئة طاقات الأمة الإسلامية للمعركة ضد التخلف إذا أعطي للمعركة شعار يلتقي مع ذلك الإحساس كشعار الجهاد في سبيل الحفاظ على كيان الأمة وبقائها الذي أعطاه القرآن الكريم حين قال (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) فأمر بإعداد كل القوى الاقتصادية التي يمثلها مستوى الإنتاج باعتباره جزءاً من معركة الأمة وجهادها للاحتفاظ بوجودها وسيادتها.
وهنا تبرز أهمية الاقتصاد الإسلامي بوصفه المنهج الاقتصادي القادرعلى الاستفادة من أخلاقية إنسان العالم الإسلامي التي رأيناها وتحويلها إلى طاقة دفع وبناء كبيرة في عمليات التنمية وإنجاح تخطيط سليم للحياة الاقتصادية.
فنحن حينما نأخذ بالنظام الإسلامي سوف نستفيد من هذه الأخلاقية ونستطيع أن نعبأها في المعركة ضد التخلف على عكس ما إذا أخذنا بمناهج في الاقتصاد ترتبط نفسياً وتاريخياً بأرضية أخلاقية أخرى.
وقد أخذ بعض المفكرين الأوروبيين يدركون هذه الحقيقة أيضاً ويلمحون إليها معترفين بأن مناهجهم لا تتفق مع طبيعة العالم الإسلامي واذكر كمثال على ذلك جاك أو ستروى فقد سجل هذه الملاحظة بكل وضوح في كتابه((التنمية الاقتصادية)) بالرغم من أنه لم يستطع أن يبرز التسلسل الفني والمنطقي لتكوّن الأخلاقية الأوروبية وتكوّن الأخلاقية الإسلامية وترتب حلقاتها ولاالأبعاد الكاملة لمحتوى كل من الأخلاقيتين وتورط في عدة أخطاء وبالرغم من أمكان الاعتماد بصورة كاملة في إبراز هذه الأخطاء على ما كتبه الأستاذالجليل محمد المبارك في مقدمة الكتاب والأستاذ الدكتور نبيل صبحي الطويل الذي ترجم الكتاب إلى العربية فإن بودي أن أتوسع في فرصة مقبلة بهذاالصدد مكتفياً الآن بالقول بأن اتجاه إنسان العالم الإسلامي إلى السماء لا يعني
بمدلوله الأصيل استسلام الإنسان للقدر واتكاله على الظروف والفرص وشعوره بالعجز الكامل عن الخلق والإبداع كما حاول ذلك جاك أو سترويبل إن هذا الاتجاه لدى الإنسان المسلم يعبر في الحقيقة عن مبدأ خلافة الإنسان في الأرض فهو يميل بطبيعته إلى إدراك موقفه في الأرض باعتباره خليفة لله ولا أعرف مفهوماً أغنى من مفهوم الخلافة لله في التأكيد على قدرة الإنسان وطاقاته التي تجعل منه خليفة السيد المطلق في الكون كما لا أعرف مفهوماً أبعد من مفهوم الخلافة لله عن الاستسلام للقدر والظروف لأن الخلافة تستبطن معنى المسؤولية تجاه ما يستخلف عليه ولا مسؤولية بدون حرية وشعور بالاختيار والتمكن من التحكم في الظروف وإلا فأي استخلافهذا إذا كان الإنسان مقيداً أو مسيّراً ولهذا قلنا إن إلباس الأرض إطارالسماء يفجر في الإنسان المسلم طاقاته ويثير إمكاناته بينما قطع الأرض عن السماء يعطل في الخلافة معناها ويجمد نظرة الإنسان المسلم إلى الأرض في صيغة سلبية فالسلبية لا تنبع عن طبيعة نظرة إنسان العالم الإسلامي إلى السماء بل عن تعطيل قوى التحريك الهائلة في هذه النظرة بتقديم الأرض إلى هذاالإنسان في إطار لا ينسجم مع تلك النظرة.
وإضافة إلى كل ما تقدم نلاحظ أن الأخذ بالإسلام أساساً للتنظيم العام يتيح لنا أن تقيم حياتنا كلها بجانبيها الروحي والاجتماعي على أساس واحد لأن الإسلام يمتد إلى كلا الجانبين بينما تقتصر كثير من المناهج الاجتماعية الأخرى غير الإسلام على جانب العلاقات الاجتماعية والاقتصادية منحياة الإنسان ومثله فإذا أخذنا مناهجنا العامة في الحياة من مصادر بشرية بدلاً عن النظام الإسلامي لم نستطع أن نكتفي بذلك عن تنظيم آخر للجانب الروحي ولا يوجد مصدر صالح لتنظيم حياتنا الروحية إلا الإسلام فلا بد
حينئذ من إقامة كل من الجانبين الروحي والاجتماعي على أساس خاص بهمع أن الجانبين ليسا منعزلين أحدهما عن الآخر بل هما متفاعلان إلى درجة كبيرة وهذا التفاعل يجعل إقامتهما على أساس واحد أسلم وأكثر انسجاما ًمع التشابك الأكيد بين النشاطات الروحية والاجتماعية في حياة الإنسان.
العراق _ النجف الأشر ف محمد باقر الصدر

الأحد، 25 أكتوبر 2009

كيف تنقل مكتبك إلي منزلك؟


بقلم : د‏.‏ أحمد سيد مصطفيـ أستاذ الإدارة ـ جامعة بنها
جريدة الاهرام
44733
‏السنة 133-العدد
2009
مايو
28
‏4 من جمادى الآخرة 1430 هـ الخميس
فوائد التجارة الالكترونية
هل تخيلت نفسك تعمل من منزلك؟ هل تخيلت أن تستريح من عناء الحركة في شوارع مزدحمة أو وسائل انتقال مكدسة‏,‏ هل تخيلت نفسك متحررا من التوتر والقلق من وصولك متأخرا ومواجهة رئيسك أو مرءوسيك الذين يرون فيك قدوة‏.‏ هل تخيلت أن تتلقي تكليفات رئيسك بالبريد الإلكتروني فتنجزها وتعيدها إليه بهذا البريد وتتلقي شكرا حتي وإن كان إلكترونيا؟ إن هذا ممكن لاسيما بعد أن أعلن الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية عن استعداد الوزارة لمعاونة الجهة الإدارية التي ترغب في إنشاء نظام يكفل عمل الموظفين من منازلهم‏.‏وهذا توجه مشكور بلاشك ويصب في إطار الإصلاح الإداري‏.‏ والحقيقة أن العمل من المنازل أصبح حقيقة واقعة في دول العالم المتقدم غربا وشرقا‏.‏الفكرة مؤداها أن يعمل الموظفون من منازلهم وفق جداول عمل زمنية‏.‏ فلا حاجة لأن تأتي لمكتبك وتصبح علي رئيسك فيرد التحية بأحسن منها أو أقل‏.‏ ويكفي أن يكون اسمك ضمن قوة العمل وجداول المرتبات‏.‏
وفي هذه الحالة لن تخرج من منزلك ـ فيما يتعلق بالعمل ـ إلا لحضور برنامج تدريبي أو لحضور اجتماع‏.‏ وحتي هذا أصبح ممكنا من خلال اجتماعات الفيديو إن تيسر ذلك‏.‏ هذا ليس بخيال بل هو الواقع الآن في عديد من دول العالم المتقدم سواء في منظمات القطاع الخاص أو الحكومي وغيرهما‏.‏المزايا المؤكدة لهذا النظام عديدة‏.‏ القسم الأول من هذه المزايا يضم عوائد إيجابية علي المجتمع أولها تخفيف التكدس المتزايد في شوارعنا‏,‏ وثانيها توفير مليارات الجنيهات سنويا من تكلفة وقود السيارات‏,‏ وثالثها تخفيف تلوث البيئة بعوادم البنزين وغيره‏,‏ ورابعها تسريع وتيرة الأداء وتبسيط الإجراءات للمواطنين من طلاب الخدمات الحكومية‏,‏ وخامسها الفصل بين مقدم الخدمة وطالبها مما يقلل من احتمالات وحالات الفساد الإداري‏.‏
ومما يسرع من وتيرة الأداء أنه لاحاجة لكتابة خطابات أو مذكرات ونقلها من خلال البريد أو من خلال سعاة فالتداول يتم من خلال البريد الإلكتروني الأسرع والأرخص‏.‏أما القسم الثاني فهو عوائد إيجابية علي الموظف أو الموظفة‏.‏ فسينجو كثير من العاملين من ضغوط ناجمة عن ضيق الوقت وتكدس الأعمال بسبب فاقد الوقت في الانتقال وكذا من جهد الانتقال الذي يؤثر ولاشك علي مايتبقي من طاقة لمزاولة العمل اليومي‏.‏ ولاننسي أن المزايا أكثر بالنسبة للموظفات‏.‏ فالموظفة المتزوجة تؤدي دورين كاملين في العمل والمنزل‏.‏ وهي مطالبة بالوفاء بمهام كل دور علي أكمل وجه‏.‏
ولاتنجح في ذلك إلا من أوتيت نظاما عصبيا فائقا ولياقة بدنية وفكرية عالية‏.‏ فإذا قصرت في أي من الدورين أو فيهما معا فالرئيس أو الزوج أو كلاهما قد لايتسامح‏.‏أما بالنسبة لجهة العمل فهناك مزايا يوفرها هذا النظام حيث سيقلل من أعباء ومشكلات يصادفها أي رئيس مثل الصراعات بين الموظفين ومطالب موظف أو أكثر بأن يكون هذا المكتب أو هذه الغرفة له أو أن هذا قال كذا وكذا‏.‏ كما يقلل من أعباء ووقت الرؤساء في الانتقال بين المكتب أو موقع الأداء لمتابعة أعمال الموظفين‏.‏ ويقلل هذا النظام من تكاليف تشغيل وصيانة كل من المباني والأثاثات المكتبية والسيارات والحافلات المستخدمة في نقل الموظفين بين العمل والمنزل‏,‏ وكذا المصاعد وأجهزة التكييف وما إلي ذلك‏.‏ لكن نظام العمل من المنزل من خلال البريد الإلكتروني له متطلبات أو مقومات للنجاح لا يتسع المجال لتفصيلها‏,‏لكن يمكن إيجازها فيما يلي‏:
‏توجه سياسي من مجلس الوزراء والوزير المختص يرعي ويشجع هذا الاتجاه وييسر سبل تبنيه‏.‏
القضاء علي ماقد يتواجد من أمية الكومبيوتر بين الموظفين وبين الرؤساء بمختلف المستويات الإدارية‏.‏
وهذا ممكن من خلال تحديد سليم للاحتياجات التدريبية بالمنظمة المستهدف أن تعمل بهذا النظام‏.
‏تحديد دقيق للأعمال التي يمكن أداءها منزليا من خلال البريد الإلكتروني‏.
‏تهيئة نظام فاعل للاتصال الإلكتروني يمكن من خلال تبادل توجيهات الرؤساء واستجابات المرؤوسين والمرؤوسات‏.‏
تحديد معايير موضوعية لتقييم الأداء يصممها رؤساء خبراء‏,‏ أو بمشاركة خبراء من خارج المنظمة ـ مثل وقت الإنجاز‏,‏ والمواصفات أو الخصائص الفنية للأداء المطلوب‏.‏ وفي حالة الأداء الكامل للعمل من المنزل فلن تشمل معايير التقييم بعض مجالات السلوك مثل المظهر والتعامل مع العملاء‏,‏ بل ستتضمن معايير جديدة مثل الالتزام بتوقيتات الانتهاء من العمل وإجادة التعامل مع شبكة المعلومات العالمية‏(‏ الإنترنت‏)‏ والشبكة المحلية بالمنظمة‏(‏ الإنترانت‏).
‏تقييم موضوعي لأداء العاملين وفق هذه المعايير‏.‏ وربطة بنظام فاعل للحوافز الإيجابية والسلبية‏.‏تعديل نظم تخطيط المسار الوظيفي والنقل والترقية التقليدية لتتناسب والعمل بنظام الأداء الإلكتروني هذا‏.‏ تهيئة بنية أساسية قوية تخدم نظم الاتصالات الإلكترونية بالمنظمات التي ستعمل بهذا النظام‏.‏تهيئة برامج للصيانة الوقائية والعلاجية للتجهيزات الفنية الخاصة بهذا النظام‏.‏
إن المزايا المؤكدة المتوقعة من هذا النظام أظنها مغرية لمجلس الوزراء ووزارة الدولة للتنمية الإدارية لحث الوزارات والهيئات الحكومية للأخذ بهذا النظام العصري للأداء‏,‏ أن هذا يمثل سبيلا فاعلا للتطوير الإداري‏.‏

محمود العربي .. الملياردير الذي بدأ حياته بـ 40 قرشاً !‏

محمود العربي .. الملياردير الذي بدأ حياته بـ 40 قرشاً !‏رجل أعمال عصامي بدأ من الصفر، وبعد رحلة كفاح ومثابرة أصبح واحداً من كبار رجال التجارة والصناعة والاقتصاد في مصر، رجل شديد التواضع، لم يغتر بالمناصب التي تقلدها، ورفض الوجاهة السياسية التي عرضت عليه، إيماناً منه بان للاقتصاد رجاله، وأن للسياسة رجالها، ورغم حظه القليل من التعليم إلا انه استطاع أن يبني قلعة صناعية كبرى ويبلغ مكانة اقتصادية رفيعة، دون مساندة من أحد ودون أن يحصل على قروض من البنوك، فكان خير قدوة لكل طامح في النجاح.
إنه محمود العربي رئيس "اتحاد الغرف التجارية" السابق، وصاحب محلات ومصانع
"توشيبا العربي"، وشاهبندر تجار مصر عن جدارةولد العربي عام 1932م في أسرة ريفية فقيرة بقرية "أبو رقبة" بمركز "أشمون"
في محافظة المنوفية، توفي والده وهو في سن صغير، انتقل بعدها إلى القاهرة،
ليعمل بائعا في محل صغير لبيع الأدوات المكتبية وعمره لم يتجاوز العاشرة،
وفى عام 1954 التحق بالخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات.بدأت علاقة العربي بالصناعة بإنشاء مصنع صغير للألوان والأحبار، ثم قام بتحويل مجال
عمله من تجارة الأدوات المكتبية إلى تجارة وصناعة الأجهزة الكهربائية، وسافر إلى
اليابان للحصول على توكيل من إحدى الشركات الكبرى في صناعة الالكترونيات،
وبعد عودته أنشأ مصنعا، ودخل انتخابات "الغرف التجارية" ليصبح رئيسا لها لمدة 12
عاما، واتجه إلى السياسة لفترة قصيرة، عندما أصبح نائبا في مجلس الشعب "البرلمان"
عن دائرتي السيدة زينب وقصر النيل، في تجربة وحيدة رفض أن يكررها بعد ذلك. ويفتخر الحاج محمود العربي بأنه ولد لأسرة فقيرة لم تكن تمتلك أي شبر من الأرض،
وكل ما استطاعت أن تقدمه الأسرة لابنها هو إلحاقه بـ "كتاب القرية" عندما بلغ من
العمر 3 سنوات، وبدأ الابن في حفظ القرآن، الذي علمه الصدق والأمانة والفرق بين الحلال والحرام، ما ساعده على بناء سمعة طيبة اشتهر بها في جميع مراحل حياته.بدأ العربي التجارة في سن صغير جدا بالتعاون مع أخيه الأكبر، الذي كان يعمل بالقاهرة،
وعن تلك الفترة يقول العربي: "كنت أوفر مبلغ 30 أو40 قرشا سنويا أعطيها لأخي لكي
يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب
نارية وبالونات، وكنت أفترشها على "المصطبة" أمام منزلنا لأبيعها لأقراني وأكسب فيها
حوالي 15 قرشا، وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة
في عيد الأضحى، وبقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة، حيث أشار أخي على والدي
أن أسافر إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور وكان ذلك في عام 1942م ،
وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني".بعد ذلك انتقل العربي للعمل بمحل بحي الحسين وكان راتبه 120 قرشا في الشهر،
واستمر في هذا المحل حتى عام 1949 ووصل راتبه إلي 320 قرشا، بعدها فضل العمل
في "محل جملة" بدلا من المحل "القطاعي" لتنمية خبرته بالتجارة وكان أول راتب يتقاضاه في المحل الجديد 4 جنيهات وعمل فيه لمدة 15 عاما، ارتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيها، وكان مبلغا كبيرا آنذاك حيث تمكن من دفع تكاليف الزواج.
وفي عام 1963م سعى العربي للاستقلال بنفسه في التجارة، لكن لم يكن لديه ما يبدأ به،
ففكر هو وزميل له بنفس العمل، أن يتشاركا مع شخص ثري، على أن تكون مساهمته
هو وصاحبه بمجهودهما، بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5
آلاف جنيه، وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة "الموسكي" بالقاهرة، والذي مازال محتفظا به حتى الآن.بعد أن بدأ العربي عمله الجديد بثلاثة أيام فقط مرض صاحبه وشريكه لمدة عامين،
أدار خلالها المحل بمفرده ونمت تجارته بسرعة كبيرة فحقق محله أرباحاً تفوق أرباح
10 محلات مجتمعة واشتهر العربي بأمانته وهي سر نجاحه منقطع النظير.واستمرت الشراكة عامين، ولكن تخللها خلاف حول إخراج الشريك الثالث المريض،
وهو ما اعترض عليه العربي، وفي النهاية فضت الشركة، وكان المحل من نصيب
الشريكين الآخرين، واشتري العربي وشريكه محلا آخر، وعاد الشركاء القدامى ليعرضوا
عليه محلهم مرة أخرى، وبذلك أصبح يمتلك محلين بدلا منذ محل واحد ومعه أبناء
شريكه المريض، ثم جاء بإخوته جميعا ليعملوا معه، بعد أن توسعت تجارته، ونجحت
الشركة وحولها إلى "شركة مساهمة".كانت تجارة العربي تقوم أساسا على الأدوات المكتبية والمدرسية، ولكن الحكومة
قررت في الستينات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان، وهو ما يعني أن
تجارة العربي لم يعد لها وجود،
فاستعاض عنها بتجارة الأجهزة الكهربية، خاصة أجهزة التليفزيون والراديو والكاسيت،
وحول العربي تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية في منتصف السبعينات مع انطلاق
سياسة "الانفتاح الاقتصادي"، وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية،
لكن وجود الأدوات المكتبية في محلاته كان يقف حائلا دون ذلك، إلى أن تعرف على
أحد اليابانيين الدارسين "بالجامعة الأمريكية" بالقاهرة، وكان دائم التردد على محلاته،
وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة "توشيبا" اليابانية، فكتب تقريرا لشركته،
أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل.وفي عام 1975م زار العربي اليابان، ورأى مصانع الشركة التي حصل على توكيلها،
وطلب من المسؤولين فيها إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر وهو
ما تم فعلا، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% رفعت لاحقا إلى 60% ثم 65%
حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة "توشيبا العربي" عام 1978م.
وفي عام 1980م انتخب العربي عضوا بمجلس إدارة "غرفة القاهرة"، واختير
أمينا للصندوق، ثم انتخبت رئيسا "لاتحاد الغرف التجارية" عام 1995م.أما عن أسباب عزوفه عن عالم السياسة فيقول العربي: "أنا في الأصل تاجر ودخلت
الصناعة من باب التجارة الذي أفهم فيه، وفى الثمانينيات طلب مني محافظ القاهرة
آنذاك أن أرشح نفسي لمجلس الشعب وألح في الطلب، ولكني رفضت رفضا قاطعاً،
ثم طلب مني المحافظ التالي، وبعد طول إلحاح منه وافقت ودخلت البرلمان لدورة واحدة،
لكنني أرى أن عضوية مجلس الشعب كانت مضيعة للوقت بالنسبة لي، وكان مصنعي
ومتجري أولى بي، فللسياسة رجالها وأنا لست منهم".وإذا كان العربي قد بدأ تجارته بعامل واحد إلا أنه أصبح اليوم لديه 13 ألف عامل،
ويطمح في أن يصل هذا الرقم إلى 20 ألف في 2010م، موضحا أن الشركة الأم باليابان
يعمل بها 180 ألف موظف، ويتمنى أن يصل لهذا الرقم في مصر لمساعدة الشباب
والمساهمة في القضاء على البطالة.ويؤكد الحاج العربي أن موظفي شركاته يحصلون على رواتب مجزية تتفاوت حسب الكفاءة
والمؤهل والخبرة، ويرفض تماما أن يعمل في شركاته أي شخص مدخن، ويشترط ذلك ضمن
شروط التعيين، كما يرفض التعامل مع أي تاجر إسرائيلي، مؤكدا أنه ما دامت مشكلة
احتلال الأراضي الفلسطينية باقية، فإنه لن يتعامل مع أي تاجر من إسرائيل، وقد سبق
أن رفض مقابلة وفد تجاري إسرائيلي أثناء رئاسته لاتحاد "الغرف التجارية"
لنفس السبب فهو من الرافضين لفكرة "التطبيع" مع إسرائيل.وأخيراً يبقى الحاج محمود العربي رمزا من
رموز الاقتصاد وتبقى رحلة كفاحه وعصاميته قدوة للأجيال وتأكيدا لقيمة العمل
والاجتهاد باعتبارهما الطريق الوحيد لتحقيق النجاح كما تبقى تجسيدا لمقولة
"أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة".

الخميس، 22 أكتوبر 2009

دراسة جدوي لصناعة النباتات العطرية

النباتات الطبية والعطرية هي محاصيل زراعية غير تقليدية . ويوجد حوالي 2000 نوع منها ينمو بريا في وادي النيل وفي الصحراء الشرقية والغربية وسيناء والمنزرع يصل إلي أكثر من 60نوع ، ويزرع خصيصا للأغراض الصناعية . وتستخدم هذه النباتات أما بالتجفيف أو استخلاص الزيوت منها . والمساحة المزروعة الآن في مصر تقدر بحوالي من 50:35 ألف فدان وتزداد باستمرار وفي العقود الأخيرة ظهر اهتمام عالمي واسع بزراعة النباتات الطبية والعطرية لاستخدامها أو استخدام أجزاء منها للحصول علي زيوتها العطرية التي تدخل في تركيب العديد من المركبات الصناعية كبديل لعدد من المستحضرات الكيماوية المنتشرة . وتتميز مصر بوجود عدد كبير ومتنوع من النباتات الطبية والعطرية وتمثل مركزا مرموقا بين الصادرات المصرية وخاصة إلي أوروبا حيث يزداد الإقبال علي استخدام النباتات الطبية والأعشاب في العلاج . وتأخذ النباتات الطبية العطرية أهميتها من خلال الاستخدامات العديدة لها في الصناعة مثل : * الصناعات الغذائية ( كمكسبات طبيعية للنكهة ومواد حافظة طبيعية)
* صناعة الأدوية (مختلف أنواع الأدوية ، قطرة للعين ، ودهانات).
* صناعة مستحضرات التجميل (شامبوهات ، كريم ، زيوت).
* صناعة العطور بأنواعها.
* الصناعات الكيماوية ( الصابون ، معطر الجو ، المبيدات الحشرية) . ويصل سعر الكيلو جرام من الزيوت العطرية إلي عدة آلاف من الجنيهات لذا يجب التأكد من جودتها وعدم غشها ، ويحدد سعرها عوامل كثيرة أهمها توافر الثقة في المنتج ، والتأكد من الضوابط والقيود والرقابة علي هذه المنتجات ثم توافر قدر كاف من الاختبارات التحليلية المناسبة سواء بالاختبارات الطبيعية أو الكيماوية أو الحسية . وتعتبر المياه العطرية وهي أحد نواتج الزيوت العطرية أثناء استخلاصها من أقدم المنتجات العطرية منذ قدماء المصريين وحتى العصور الوسطي وهي مستحلبات مائية ومحاليل مائية رائقة مشبعة بالزيوت الطيارة .
وعادة ما تستعمل كمكسب للنكهة مثل ماء الورد أو ماء الزهر أو ماء النعناع وغيرها ، ولها أيضا صفات علاجية مميزة . ثانيا : مدى الحاجة إلي إقامة المشروع
تنبع أهمية الزيوت العطرية والطبية في مصر لما لها من سمعة جيدة ووضع اقتصادي هام حاليا ومستقبلا ، فهي تحتل مركزاً مرموقا يمكن التوسع في مجال الصادرات . ولقد احتلت مصر المركز الأول في إنتاج عجينه الياسمين ( حوالي 8 طن من جملة إنتاج العالم التي تبلغ 14:12 طن سنويا ) يليه نبات العتر ثم البابونج الذي يتم تصدير كميات كبيرة منه حيث تحتل ألمانيا المركز الأول في استيراد هذه النباتات وزيوتها العطرية . وتحتل مصر المركز الرابع عالميا في مجموع صادرات الزيوت العطرية والطبية عالميا حيث تسبقها الهند التي تحتل المركز الأول في الدول الموردة في العالم ، ويليها كل من الصين وهولندا والمغرب ويوغسلافيا وأسبانيا وإيران وبولندا . ولذلك فإن صناعة الزيوت الطبية والعطرية هي صناعة واعدة لما تكتسبه مصر من سمعة طيبة متميزة وبذلك يعتبر هذا المنتج من المنتجات ذات الميزة التنافسية أيضا لتوافر المادة الخام والخبرة في استخلاص الزيوت لقطاع كبير من منتجي هذه النباتات . ثالثا : الخامات
تتوافر الخامات من نباتات وأعشاب طبية ومحاصيل يمكن استخلاص زيوتها العطرية بشكل جيد في مصر ، وتزداد الآن مساحات الأرض المنزرعة بهذه المحاصيل لكي تقابل الاحتياجات المحلية والعالمية الآن . وأهم هذه النباتات :النباتات وأعشاب الطبية و النباتات العطرية رابعا : المنتجات نظراً للتباين الشديد في تركيب الزيوت العطرية المختلفة فانه يجب الحصول عليها من نباتات مختلفة وبطرق تناسب طبيعة كل نبات ونوعية الزيوت العطرية به ونسبته ودرجة حساسيته للحرارة واستخداماته . ولذلك فإن تركيبة الزيوت العطرية الناتجة تختلف تبعا لطبيعة كل نبات ومواصفاته الطبيعية ، ولكن في كل الحالات فإن المنتج من الزيوت العطرية هو منتج هام وشديد الحساسية ويجب الاعتناء به بشكل جيد ، وأن يكون خاليا من الرواسب الغريبة وخاليا من المعادن السامة والمواد غير المتطايرة . ولذلك لاستخدام هذه الزيوت في صناعات هامة ودقيقة مثل الصناعات الدوائية والعطور ومستحضرات التجميل والصناعات الغذائية . ونظرا لأهمية وخطورة استخدام هذه المنتجات فقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياس المواصفات القياسية لطرق فحص الزيوت العطرية ( رقم 688) والتي تؤكد علي أهمية الاختبارات علي المنتج النهائي وأهمها :
* الاخبتارات الكيماوية ( تقدير رقم الأستر ورقم الحموضة) * الاختبارات الطبيعية (تقدير الوزن النوعي ، تقدير الكثافة الظاهرية ، تقدير معامل الانكسار ، تقدير الذوبان في الكحول. خامسا : العناصر الفنية للمشروع (1) مراحل التصنيع تأخذ عملية تصنيع الزيوت العطرية والطبية واستخلاصها من النباتات عدة مراحل أهمها :
المرحلة الأولي : مرحلة التنظيف يتم تنظيف النباتات الطبية والعطرية أو البذور أو الثمار تنظيفا جيدا من الأتربة والحشرات والنباتات الغريبة التي قد توجد مع النباتات الأصلية وجميع أنواع الشوائب الأخري .ويجب أن تكون النباتات ذو رائحة ولون طبيعيين وسليمة وخالية من التكتل والتعفن .وتتم عملية التنظيف بالفرز والتنقية ثم الغسيل بالماء الجاري ثم تصفية المياه .
المرحلة الثانية : مرحلة التجهيز يتم تجهيز النباتات أما بتقسيمها إلي أجزاء أو بتقطيعها إلي شرائح إذا كانت كبيرة الحجم ، كما يمكن تقطيع الفروع الخشبية إلي شرائح رفيعة أو تفرم أو تجرش لقطع صغيرة . مثل ( نبات الليمون ، الزيتون ، البرتقال )
المرحلة الثالثة : التجميد توضع النباتات وخاصة الأجزاء الخاصة بالأزهار والأوراق والأعشاب والفروع الصغيرة مباشرة في جهاز استخلاص الزيوت ، أما الأجزاء الأخري والتي تم طحنها وفرمها وجرشها وهي الأجزاء الكبيرة فتوضع قبل عملية الاستخلاص في ثلاجة وتحت درجة حرارة 20ºم لمدة يومين أو ثلاثة ثم تدخل مباشرة عملية الاستخلاص وهي مجمدة ، وهذه العملية تحافظ علي المكونات كما هي وبحالة جيدة .مثل ( نباتات الورد ، النعناع ، الريحان ....)
المرحلة الرابعة : عملية التقطير تعتبر عملية التقطير الخطوة الأساسية والهامة في استخلاص الزيوت الطبية والعطرية ، وتنقسم عملية التقطير إلي 3 أنواع أساسية ويعتمد ذلك علي نوع النبات وحساسيته وتحمله للحرارة .
1 -التقطير بالماء Water distillationوتستخدم هذه الطريقة للنباتات الطبية والعطرية التي تتحمل درجة حرارة أعلي قليلا من 100ºم ، وهي درجة غليان الماء. مثل ( نبات الزيتون ، اللوز ، البندق)
2 -التقطير بالبخار الغير مباشر Indirect steam distillationتتناسب هذه الطريقة مع النباتات المحتوية علي زيوت عطرية لا تتحمل ارتفاع درجة الحرارة عن 100ºم وفيها يمرر البخار المولد خارج الجهاز في الماء بطريقة غير مباشرة . مثل (نبات الورد ، الريحان ، النعناع .
3 -التقطير بالبخار مباشر direct steam distillationتتناسب هذه الطريقة للنباتات الطازجة الغير مجففة ويستخدم فيها البخار بتمريره مباشرة علي النباتات لاستخلاص زيوتها.
والشكل رقم (1) يوضح جهاز التقطير و يتضح من خلاله إمكانية استخدام نفس الجهاز للتقطير بالثلاث طرق السابقة تبعا لنوع النباتات المطلوب استخلاص زيوتها وذلك بتغير طريقة العمل أما باستخدام الماء مباشرة أو بتمرير البخار داخل الماء أو باستخدام البخار مباشرة علي النباتات .طريقة تشغيل جهاز التقطير :
(1) مكونات الجهاز 1. سلة من السلك ( الصلب الذي لا يصدأ ) علي شكل اسطوانة .2. وعاء اسطواني مزدوج الجدران يصنع من الصلب الذي لا يصدأ . مزود بفتحة سفلية لتصفية المياه بعد انتهاء عملية التقطير . وفتحة جانبية عليا مثبت عليها المكثف الذي يستقبل الزيوت .3. مصادر التسخين أما بالمياه الساخنة داخل الوعاء ، أو بمصدر لدخول البخار المباشر من مصدر خارجي داخل المياه أو مصدر للبخار بمفرده مباشرة علي النباتات الموجودة في السلة داخل الوعاء . 4. مصدر لدخول الماء البارد لمساعدة المكثف علي أداء مهمته في تكثيف الزيوت وفتحة لخروج ماء التبريد . 5. وعاء لاستقبال الزيوت وفصلها عن المياه 6. مضخة ماصة كابسة إعادة تقطير ماء التقطير الناتج لاستخلاص كل الزيوت الموجودة . 7. الغطاء يصنع من نفس الخامات المصنع منها الوعاء ومزود بترمومتر لقياس درجة الحرارة وزجاجة بيان ومقياس للضغط .
(2) طريقة تشغيل جهاز التقطير :
1. تملأ السلة السلك بالنباتات المطلوب الحصول علي زيوتها الطيار .2. يتم غلق غطاء وحدة التقطير .3. في حالة التقطير بالماء أو البخار غير المباشر يتم تزويد الجهاز بالماء اللازم .4. في حالة التقطير بالبخار الغير مباشر لا يلزم وجود الماء .5. يحمل البخار المتخلل للأجزاء النباتية الزيت الطيار ويتم تكثيفهم داخل المكثف .6. يراعي دائما أن يكون فتحة البخار تتناسب طرديا مع قدرة المكثف بحيث لا تتسرب أبخرة بدون تكثيف يجب ألا تتعدي درجة حرارة ماء التبريد الخارج من المكثف 30ºم7. يتم حساب الوقت اللازم بالخبرة . حيث لكل كمية معينة من نبات معين وقت معين يكفي للحصول علي الزيت الطيار الموجود .8. تعالج مياه التقطير الناتجة مرة أخرى إلي الوعاء لاستخراج كل الزيت الممكن ويدل علي ذلك اللون المندمج مع المياه .9. يجب أن تكون جميع الوصلات محكمة الغلق وكذلك بالنسبة للمكثف .10. سعة الجهاز 50لتر ، 25 كجم نباتات .
(2) المساحة والموقع :يلزم للمشروع مساحة تقدر بحوالي 150م2 تشمل الإدارة ومخزن المنتجات ومعدات التشغيل . (3) المستلزمات الخدمية المطلوبة : * كهرباء 600 جنية شهريا* مياه 150 جنيه شهريا (4) الآلات والمعدات والتجهيزات : (5) احتياج المشروع من الخامات ( في اليوم الواحد) إجمالي تكلفة الخامات الشهرية =1175×25=29375 جنيه مصرى . (6) الرسم التخطيطي لموقع المشروع (7) العمالة : * عدد الورديات :1* عدد ساعات العمل :8 ساعات (8) منتجات المشروع (9) التعبئة والتغليف
يفضل أن تعبأ الزيوت الناتجة في عبوات زجاجية بمختلف الأشكال والأحجام أو عبوات من خامات لا تتفاعل مع الزيوت الطيارة ، وكذلك يجب أن تكون قاتمة اللون ولها غطاء محكم يساعد علي الاحتفاظ بالزيوت الطيارة .ومن الجدير بالذكر أن التعبئة للتصدير بكميات كبيرة يختلف اختلافا كبيرا عن الاستخدام المحلي في الزجاجات صغيرة الحجم ولذلك فإن العبوات الكبيرة يجب أن تكون ذات مواصفات جيدة وتكون من أنواع من الخامات التي لا تتفاعل مع الزيوت الطيارة مثل الصلب الذي لا يصدأ وبعض أنواع البلاستيك المخصص للعبوات الكيميائية التركيب ، والتي تكون محكمة بشكل لا يسمح بتسرب الرطوبة إليها .
(10) عناصر الجودة :
1. استخدام نباتات طبيعية جيدة ، مزروعة بطريقة خالية من التلوث بالأسمدة الكيماوية .2. أن تكون النباتات نظيفة ومنتقاة جيدا ، لا يوجد بها شوائب أو نباتات دخيلة وخالية من الإصابة بالحشرات والأمراض .3. ألا تقل نسبة الزيت الطيار بها عن 3% ولا تزيد نسبة الرطوبة عن 10% .4. استخدام طريقة التقطير بدون إضافة أي مواد صناعية للمساعدة .5. التحكم الدقيق في درجات الحرارة داخل وعاء التقطير تبعا لنوع كل نبات للحصول علي أفضل استخلاص لزيوت نقية .6. التحكم في ماء التبريد بحيث لا تتعدي درجة حرارة ماء التبريد الخارج من المكثف درجة 30ºم .
(11) التسويق :الزيوت الطبية والعطرية من المنتجات التي لها طلب كبير محلي وعالمي ولذلك فإن تسويقها عن طريق المصنع ذاته أو المعارض المتخصصة والتعاقدات سيكون سهلا ومتاحا للجهات الآتية :
* التصدير للخارج
* تجار الجملة
* أهالي (محلات السوبر ماركت ، البقالة ، العطور) تغذية المصانع بمختلف أنواعها :
* مصانع الصناعات الغذائية ( كمكسبات للطعم والرائحة)
* مصانع الأدوية .
* مصانع العطور وأدوات الزينة.
* مصانع الكيماويات ( صابون ، معطر الجو)
(12) الاشتراطات الصحية والبيئية:
اشتراطات عامة :
* الالتزام بوسائل الحماية المختلفة للعاملين .
* تدريب العالمين علي خطط الإطفاء المختلفة .
* تأمين أسلاك ومصادر الكهرباء ومراجعتها .
* التأكد من مستويات الإضاءة المناسبة .
* الالتزام ومراجعة قوانين العمل الدولية المعمول بها .
* وجود شبكة مياه وصرف صحي .
اشتراطات خاصة
* وضع نظام يتيح عدم وجود عوادم الإنتاج بعد التصنيع .
* يراعي استخدام نباتات خالية من الملوثات وغير ضارة بالبيئة .
* يراعي استخدام مواد غير ضارة مؤثرة علي صحة الإنسان .
* نظافة المكان وعدم تواجد أي مصدر للحرائق لوجود زيوت طيارة في المكان .
* مراعاة استخدام خامات للتعبئة والتغليف يمكن إعادة تدويرها فيما بعد .
منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول